من روائع "رامبو" الشعرية أوفيليا-فؤاد اليزيد السني/بروكسيل - بلجيكا
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
أصوات بلى حدود

من روائع "رامبو" الشعرية
أوفيليا


  Ophélie  أوفيليا  لوحة زيتية ل"جون إفريلت  ميللي 1851-1852

مقدمة لا بد منها


إننا نرى بأن لضرورة الترجمة أحكاما، لا بد للمترجم من الوقوف عليها. ومن هذه الأحكام نقل النص المُتَرجَم بألفاظ تلائمه في اللغة المتَرْجَمِ إليها. ويجب والحالة هذه، انتقاء من بين جميع الألفاظ المشتركة في معنى معين، التي تطرح نفسها على المترجم، انتقاء اللفظ المناسب من حيث حمولة معناه. والمعنى الشاعري في هذه الأثناء، الذي يكون قد قصد إليه الشاعر، على سبيل المثال، يجب أن يظل محتفظا بروحه الشاعرية. لذا على المترجم أن يحاول، ما أمكنه ذلك، أن لا يقحم نفسه في فضاء الشاعر الشاعري، ويأتي بترجمته الشخصية، أو كما تصورها، هادفا لمعنى بعينه. بل الرجوع مبدئيا، وقبل إنجازه لأية ترجمة، إلى كل الوثائق الأدبية المتعلقة بالنص المعني، وترك المجال مفتوحا لقراءات متعددة عبر صياغة أسلوبية متقنة، تترك لقارئ حرية السفر، في الآفاق الشعرية اللا محدودة. وهذا ما حصل لنا في هذه الترجمة للشاعر "أرتور رامبو"، إذ اصطدمنا بنص شعري جد مشحون بالصور والدلالات الرمزية. وحاولنا أن نطلع على النصوص نفسها، التي قام بترجمتها بعض المهتمين بأدبيات "رامبو" الشعرية. وكانت حيرتنا كبيرة حين تبين لنا، بأن القراءات قد تعددت بتعدد الترجمات. وبأن أخطاء نحوية كما "فَهْمِيّة" للنص الفرنسي، قد وردت في بعضها. واتخذنا قرارنا، في نهاية المطاف، أن نكمل عملنا هذا، ونضيفه لأعمال الآخرين، حريصين كل الحرص، على إخراجها في ترجمة مدققة، وفية، ومراعية لكل ما سبق وذكرنا. لعل القارئ المهتم، يجد في مجموع كل هذه الترجمات المختلفة، فائدة جديدة، وإنارات جديدة قد لا تكون الترجمات السابقة، قد اهتدت إليها.
وبهذه المناسبة، نقدم للقارئ الكريم، ترجمة لقصيدة، بالإمكان اعتبارهما من أشهر القصائد، ومن أجملها تعبيرا، على التجربة الشعرية لدى الشاعر "الرائي"، "أرتور رامبو". ونذكر بأننا ذيلنا القصيدة ببعض الملاحظات والمعلومات التي من شأنها أن تساعد القارئ على الإحاطة بالنص. 

   


             أوفيلْيا


              -1-

عَلى الصَّفْحَةِ السّاكِنَة والسَّوْداءْ،
حَيْثُ تَرْقُدُ النُّجومْ،
تَطْفو أوفيلْيا البَيْضاءْ،
مِثْلَ زَنْبَقَةٍ كَبيرَة،
تَطِفو بِكُلِّ هُدوءْ،
مُسَجّاةً في أَشْرِعَتِها الطّويلَة…
- وعِنْدَ "الغُوَيْباتِ" البعيدَة،
نَسْمَعُ هَلاهِلْ.

        ***
هاهِيَ ذي أَكْثَرَ مِن أَلفِ عام،
وأوفيلْيا الحَزينَة،
تَمُرّ، شَبَحًا أَبْيَض،
على النّهْرِ الأَسْوَدِ المَديدْ.
هاهِيَ ذي أَكْثَرَ مِن أَلْفِ عام،
وجُنونُها اللّطيفْ،
يُوَشْوِشُ حِكايَتَهُ،
لِنَسيمِ المَساءْ.

        ***

تُقَبّلُ الرّيحُ نَهْدَيْها،
ومِثْلَ تُوَيْجاتٍ تَنْشُرُ
أَشْرِعَتَها الكَبيرَة،
المُهَدْهَدَةِ بِلُيونَةِ المِياه.
ومُرْتَعِشاً على كَتِفَيْها،
يَبْكي الصّفْصاف،
وعلى جَبينِها الحالِم،
تَنْحَني سُجودًا، أَشْجارُ القَصَبْ.

         ***

يَتَأَوّهُ النَّيْلوفَرُ مداكاً،
مِنْ حَوالَيْها،
وتوقِظُ أَحْيانًا
في شَجرِ الحورِ النّائمْ،
عُشّا، مِنْ حَيْثُ تَفِرّ،ّ
ارْتِعاشَةُ جَناحٍ، صَغيرَة:
- غِناءٌ عَجيبْ،
يَتساقَطُ مِن كَواكِب ذَهَبْ.

         -2-

آه أوفيلْيا الشّاحِبَة !
جَميلَة مِثْلَ الثّلْج !
بَلى تَوَفّيْتِ طِفْلَة،
بِنَهْرٍ مَحْمولَة !
- لأنّ الرّياحَ الساقِطَة،
مِن مُرْتَفَعاتِ "النّرْويج" الكَبيرَة،
قَد كَلّمِتْكِ بِكَلامٍ خافِت،
عَن مَرارَةِ الحُرّيّة.

        ***

ولأنّ نَفَسٌ،
عاصٍرٌ لِجَديلَتِكِ الطّويلَة،
إلى ذِهْنِكِ الحالِمْ،
قد حَمَلَ ضَجّةً غَريبَة،
كانَ قَلْبُكِ يَسْتَمِعُ إِلَيْها،
في غِناءِ الطّبيعَة،
في تَأَوّهاتِ الشّجَرَة،
وزَفَراتِ اللّيالي.

        ***

ولأنّ أَصْواتَ البِحارِ المَجنونَة،
دَمْدَمَةٌ هائلَة،
قد كَسَرتْْ نَهْدَكِ الطِّفْلُ،
جِدّ إنْساني وجِدّ حَنونْ.
ولأنّ ذاتَ صَباح أَبْريلْ،
فارِسٌ جَميلٌ، شاحِبْ،
 مَجْنونٌ شَقِيّ،
جَلَسَ أَخْرَسًا عِنْدَ رُكْبَتَيْك.

         ***

سَماءٌ ! حُبٌّ ! حُرّيّةٌ !
يا لَهُ مِن حُلُمْ،
أيّتُها الشّقِيّة المَجْنونَة !
وكُنْتِ تَذوبينَ فيه،
كما الثّلْجُ في النّارْ،
رُؤاكِ الكَبيرَة كانَتْ،
تَخْنُقُ كَلامِكْ،
- واللاّنِهايَة الرّهيبَة،
بَهَرَتْ عَيْنُكِ الزّرْقاء.

         -3-

- والشّاعِرُ يَقول بِأَنّكِ،
عِنْدَ أَشِعّةِ النّجومْ،
سَتَأْتينَ لَيْلاً بَحْثًا عَن الوُرودْ،
التي قَطَفْتِها،
وبِأَنّهُ قَد رَأى على صَفْحَةِ الماءْ،
مُسَجّاةً في أَشْرِعَتِها الطّويلَة،
أوفيلْيا البَيْضاءَ تَطْفو،
مِثْلَ قُرُنْفُلَةٍ كَبيرَة.



  مصادر أوفيليا:

-1- أوفيليا بطلة تراجيدية شكسبير "هاملت". التي أحبت الأمير الذي تخلى عنها بسبب فوضى جنونه المفتعل. ولقد أصيبت بالجنون، وبالأسى على موت أبيها "بولونيوس"، وماتت غرقا في النهر.

-2- وهي شخصية "أسطورية" خيالية، كانت مصدر إلهام لعدد كبير من الشعراء الرومانسيين الإنجليز أولا ثم الألمان والفرنسيين من بعد ذلك. ولقد كانت بالإضافة لهذا، مصدر إلهام لعدد كبير من الرسامين، نذكر منهم على سبيل المثال: "دو لا كروا"، "جون غفرلت ميلّيه"، و"ألكسندر كبانيل".

-3- وترى الباحثة والناقدة "آن كوسو" من دراستها " أوفيليا، قصة أسطورة، ونهاية قرن" بأن الشاعر "أرتور رامبو" قد اعتمد في كتابة قصيدته على لوحة "جون إفرلت ميلليه"، "أوفيليا" التي سقناها أعلاه.

-3- وتندرج "أوفيليا" كما "المركب السكران"، في الجماليات الرمزية، التي كانت سائدة من منتصف القرن الثمن عشر إلى منتصف القرن العشرين وما بعده. ونذكر من بين الفرنسيين الذين تناولوا موضوع "أوفيليا": "ألكسندر دوما"، "دو لا كروا"، "ألفريد دي موسيه"، "جورج صاند" و"فكتور هيكو".

-4- و يمثل رمز "أوفيليا" لدى الأدباء والفنانين الرومانسيين، الجمال المثالي، الطبيعة العذراء، الحب الكئيب، والموت المبكر.


• Ernest Delahaye : caricatures et dessins, 1870 à 1880.
• Émile Jacoby ? ou Étienne Carjat ? : photographie sur verre, où Arthur paraît avoir 15 ou 16 ans, 187161?
• Étienne Carjat : photographie d’Arthur à 17 ans, octobre 187162.
• André Gill : « Arthur Rimbaud sur son bateau ivre », dessin pour l’Album zutique (25,3 x 34,5 cm), 1871.
• Paul Verlaine : caricatures et dessins, 1872 à 1877.
• Henri Fantin-Latour : esquisse, croquis pour le tableau, Coin de table (2, 25 m x 1, 56 m), 1872, exposé au Musée d'Orsay à Paris.
• Jean-Louis Forain : dessin au lavis de brun (11,4 × 14,8 cm), non daté63 et deux caricatures, 1872.
• Félix Régamey : dessins exécutés à Londres, 1872-1873.
• Alfred Garnier : huile sur carton (21 x 17 cm), 187264.
• Jef Rosman : peinture à l'huile sur panneau d'acajou (25 x 32 cm), 1873, exposé au Musée Arthur Rimbaud de Charleville-Mézières65.
• Germain Nouveau : faute de précision, il est présumé que Rimbaud soit représenté sur un ou deux dessins exécutés en 187666.
• Isabelle Rimbaud : croquis et dessins 1879 à 1891.
• Anonyme : photographie légendée « Environs d’Aden. Avant le déjeuner à Scheick Otman [sic]67. », où Rimbaud pose en compagnie de cinq hommes sur les marches de la maison d’Hassan Ali, en 1880 ?68.
• Anonyme : photographie faite à Aden (9,6 x 13,6 cm), avec « Hôtel de l'Univers » inscrit au dos. Selon les premières investigations, rapportées par les découvreurs Alban Caussé et Jacques Desse (libraires de livres anciens), aidés en cela par Jean-Jacques Lefrère (biographe de Rimbaud), le jeune homme assis en compagnie de six autres personnes sur le perron de l’hôtel, pourrait être Arthur Rimbaud, présent dans ce port, depuis la première quinzaine d’août 188069.
• Thomas Blanchet : eau-forte inspirée de la photographie prise par Étienne Carjat, 188470.
• Manuel Luque de Soria, dit Luque : caricature71 et médaillon 72, 1888.
• Frédéric-Auguste Cazals : « croquis d’après documents » du profil de Rimbaud avec l’ombre portée de Verlaine (10 x 12,5 cm), 188

• Oeuvres complètes d'Arthur Rimbaud, Editeur : Gallimard, la Pléiade, Publication : 11/2/2009
  فؤاد اليزيد السني/بروكسيل - بلجيكا (2010-11-04)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

من روائع

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia